الشبكة المغاربية ...لمكافحة التشيع والتصوف والتنصير

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،

عزيزي الزائر أهلا و سهلا بك في منتداك و منتدى الجميع ، الشبكة المغاربية لمكافحة التشيع والتصوف والتنصير التي هي لجميع الناس لدعوتهم بالحكمة و الموعظة

الحسنة إلى الإسلام الصحيح .

فهيا سجل معنا في منتداك لتعيننا على الدعوة في سبيل الله و على نشر دينه و على نصرة نبيه و نصرة الإسلام و المسلمين .



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الشبكة المغاربية ...لمكافحة التشيع والتصوف والتنصير

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،

عزيزي الزائر أهلا و سهلا بك في منتداك و منتدى الجميع ، الشبكة المغاربية لمكافحة التشيع والتصوف والتنصير التي هي لجميع الناس لدعوتهم بالحكمة و الموعظة

الحسنة إلى الإسلام الصحيح .

فهيا سجل معنا في منتداك لتعيننا على الدعوة في سبيل الله و على نشر دينه و على نصرة نبيه و نصرة الإسلام و المسلمين .

الشبكة المغاربية ...لمكافحة التشيع والتصوف والتنصير

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المواضيع الأخيرة

» هل أُريد بحديث الغدير النص على عليٍّ بالإمارة والخلافة؟ وما حقيقة قصة الغدير؟
علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Emptyالخميس فبراير 27, 2014 2:48 am من طرف آكسل

» اوضح لنا معتقدك يا رافضي - يا شيعي
علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Emptyالخميس فبراير 27, 2014 2:09 am من طرف آكسل

» هذا بعض ما قاله سيدنا علي في حق الصحابه يا شيعه
علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Emptyالخميس فبراير 27, 2014 2:05 am من طرف آكسل

» حوار عقلاني مع جاري ؟
علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Emptyالأربعاء فبراير 26, 2014 7:57 pm من طرف fergani

» التوحيد 000
علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Emptyالثلاثاء سبتمبر 03, 2013 12:23 pm من طرف أبن العرب

» حتى لا تكون فتنة : وجود الشيعة في المغرب العربي
علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Emptyالإثنين يناير 21, 2013 10:18 pm من طرف أبن العرب

»  الإمام مالك رحمه الله وموقفه من الرافضة
علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Emptyالخميس نوفمبر 08, 2012 7:46 pm من طرف عثمان الخميس

» علي بن أبي طالب هو الذي هدى كل الأنبياء وهو الذي نجى نوح وصاحب ابراهيم _وثيقة_
علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Emptyالخميس نوفمبر 08, 2012 7:33 pm من طرف عثمان الخميس

»  علماء الراقظة يفترون الكذب على الله عز وجل : من عصى الله وأطاع علي يدخل الجنة ومن أطاع الله وعصى علي يدخل النار ؟؟؟ وثيقة
علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Emptyالخميس نوفمبر 08, 2012 7:18 pm من طرف عثمان الخميس

» الشناوي وحفيد مبغض آل البيت... مامعنى ولي مولى و ولاية ؟؟
علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Emptyالجمعة نوفمبر 02, 2012 5:14 pm من طرف عثمان الخميس

سحابة الكلمات الدلالية

صوت المغاربة

عدد الزوار

.: أنت الزائر رقم :.

اخترنا لك

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 

    علماء القيروان والدولة العبيدية (1)

    avatar
    عزوز أبو أميمة الحسني
    المدير العام


    عدد المساهمات : 775
    تاريخ التسجيل : 07/06/2010
    الموقع : بلاد ا لاسلام

    علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Empty علماء القيروان والدولة العبيدية (1)

    مُساهمة من طرف عزوز أبو أميمة الحسني الجمعة يوليو 29, 2011 6:50 pm

    علماء القيروان والدولة العبيدية (1)

    الكاتب: ياسين بن علي

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

    ليس التاريخ، إذا استثنينا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة صحبه رضوان الله عليهم، من مواد التشريع والاستنباط، ولكنه بلا شك من عوامل شحذ الهمم وتقوية العزائم، ومن مواد الاعتبار والاتعاظ.
    وفي تاريخ المسلمين من شواهد الرجولة والبطولة، ما لو تدبرت فيه أمتنا اليوم لاتعظت، وما لو اطلعت عليه لاعتبرت، فيزداد إيمانها بأن الصراع بين الحق والباطل سنة جرت على من قبلهم، وتجري عليهم وعلى من بعدهم، والعاقبة للمتقين. فقد شاء ربنا سبحانه وتعالى أن يبتلي عباده بالخير والشرّ فتنة، ليعلم ممن ابتلاه بخير مدى شكره، وممن ابتلاه بشر مدى صبره. {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَم اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)} (آل عمران).
    ومن شواهد الرجولة والبطولة في تاريخ الأمة الإسلامية علماء القيروان الذين وقفوا في وجه الدولة العبيدية الخبيثة، وتحملوا الأهوال والشدائد من أجل إزالتها وإعادة الاعتبار للإسلام. فما هي الدولة العبيدية وكيف قاومها علماء القيروان؟

    الدولة العبيدية
    "الدولة العبيدية أو ما تسمى بالدولة الفاطمية، أُسست في تونس سنة 297هـ وانتقلت إلى مصر سنة 362هـ واستقرت بها، وامتدت إلى أجزاء هامة من العالم الإسلامي حيث شمل سلطانها الشام، والجزيرة العربية، وحاولت الوصول إلى بغداد".(1)
    "ففي ما بين 288هـ إلى 289هـ وصل أبو عبد الله الشيعي الرجل الداهية المراوغ الماكر صاحب الحيل العجيبة إلى مكة, وبحث عن وفود المغاربة التي جاءت للحج واستطاع أن يتعرف على حجيج كتامة, وتقرب إليهم بما أظهره لهم من زهد وفقه وعلم, وتمكن هذا الداعية من قلوب الشيوخ الكتاميين, ورجع معهم موهمًا إياهم أنه يريد مصر لتعليم الأولاد القرآن, وعرضوا عليه الذهاب معهم إلى المغرب, فأظهر عدم الرغبة, ثم بسياسته الماكرة لبى طلبهم ونزل في القيروان ليبحث عن مواطن الضعف في دولة الأغالبة, ويجمع المعلومات لمعرفة أقوى القبائل, وما هي الوسائل النافعة للدخول في بلاد المغرب, وبعد أن أيقن أن أقوى القبائل في المغرب هي الكتامية قرر الذهاب إلى بلدة تسمى «إيكجان» وهي بلدة في جبل وعر, وعرف أنها منازل قبيلة «سكتاتة» التي هي بطن من بطون كتامة, ونهج في حياته نهج المعلم المؤدب الورع, وسلك سلوك الزهد والعفاف حتى تملك قلوبهم, واشتهر صيته, وأقبلت عليه القبائل البربرية وتصدى لتعليمهم وتفقيههم المذهب الشيعي, ثم دخل في الأمور السياسية ونظام الحكم ودور الإسلام في الحكم بالشورى, وفضل العلويين وأحقيتهم في الحكم.
    وبسبب الظلم الذي مارسته دولة الأغالبة على الناس استجابت بعض القبائل للداعية الشيعي الذي رأوا فيه المخلص وبدأ الصدام مع الأغالبة, وانتقل أبو عبد الله الشيعي إلى حصن منيع في جبال الأوراس في بلدة «تازروت» ومن هناك كان يوجه الضربات المتتالية لدولة الأغالبة, واعتمد في ذلك على فضح الأغالبة ونشر ظلمهم, وبيان أن حكمهم خارج عن الإسلام وشريعة الرحمن, وأثار الأحقاد القديمة بين الدولة الأغلبية وبعض القبائل, وأعطى عهودًا ومواثيق لرجال وزعماء كتامة أن المستقبل والدولة والتمكن لهم, فخضعت له القبائل وتوالت المدن في السقوط, وغنم غنائم عظيمة واشتد حماس أتباعه, وساعده على ذلك انحلال وضعف دولة الأغالبة وانغماسهم في الترف, وتذمر الناس من الأمراء ومن ظلمهم, وأظهر أبو عبد الله من الحزم والشجاعة والمقدرة السياسية والكفاءة العسكرية ما جعله ثقة لمن حوله من القادة والجنود, فأعطاه ذلك شعورًا بأن الوقت حان لكشف دعوته بأن يدعو للرضي من آل البيت النبوي الذي سيظهر عن قريب وتولى أمور الحكم.
    واستطاع أبو عبد الله الشيعي أن يستولي على جميع النقط الحربية ما بين حصنه في جبال الأوراس حتى عاصمة الأغالبة.
    وفي أوائل جمادى الأولى عام 296هـ/909م سقطت مدينة الأريس في يد قوات أبي عبد الله الشيعي, وهذه المدينة هي مفتاح دخول القيروان العاصمة السياسية للبلاد, فعجل زيادة الله الأخير بالرحيل إلى مصر في جمادى الآخرة عام 296هـ, ودخل أبو عبد الله الشيعي القيروان.
    وأعلن أبو عبد الله إثر هذا النصر الحاسم على الأغالبة أن الإمام الحقيقي للمسلمين هو عبيد الله المهدي وأنه قريبًا سيصل إلى بلاد المغرب ويظهر العدل والمساواة, فانضم إليه بعض قواد الأغالبة, وأصبح جيشه مائتي ألف مقاتل لكي يدافعوا عن المذهب الشيعي الإسماعيلي والدولة الجديدة, ومعلوم من دراسة التاريخ أن الانتصارات تستحوذ على عوام الناس ويظنون أن المنتصر على الحق, ومع الإشاعة الشيعية القوية والانتصارات الملموسة وإيمان الناس بالمهدي المنتظر, أصبح الناس قادة وجنودًا لا رأي لهم, ولا عقل, بل مثل الآلات في التنفيذ, وحاول أبو عبد الله الشيعي أن يعتمد في نشر مذهبه بالدعاية والمناظرة لإقناع علماء السنة والجماعة من أمثال عثمان بن سعيد الحداد, إلا أنه أسقط في يديه عندما أقاموا الحجة عليه وعلى دعاته, ولذلك اضطر أخو أبي عبد الله الشيعي «أبو العباس» أن يستخدم القوة لقلع مذهب أهل السنة والجماعة من عاصمة الشمال الإفريقي, فمارس مع علماء أهل السنة أصناف العنف والشدة والتعذيب وضربوا الفقهاء بالسياط وقطعوا ألسنة بعضهم, وضربوا الرقاب, وقطعوا أجزاء الجسم إلى عدة أجزاء, وصلبوا الفقهاء, وصادروا الأموال, وبطحوا الناس على ظهورهم وأمروا عبيدهم بأن يدوسوهم بالأقدام. واشتد الصراع المذهبي, وهز الدولة الوليدة فتدخل الداهية أبو عبد الله الشيعي ومنع المناظرة والمجادلة حسمًا للصراع وعزل أخاه عن ولاية القيروان.
    ونجح أبو عبد الله الشيعي في تثبيت دعائم الحكم في القيروان بواسطة زعماء قبيلة كتامة وخصوصًا سيدهم ومطاعهم «غزوية بن يوسف» وأخاه وبقية قومه, وأرسل إلى عبيد الله المهدي وابنه القاسم للمجيء إلى القيروان, وشد عبيد الله من الشام رحله «من مدينة سلمية» إلى مصر, ثم برقة, ثم طرابلس متخفيًا في ثياب التجار, ولفقت قصص عجيبة في نجاته من ولاة الدولة العباسية, ووقع في أسر بني مدرار أمراء سجلماسة.
    واستطاع أبو عبد الله الشيعي الصنعاني في 297هـ/910م أن يجهز جيشًا ضخمًا حطم به دولة بني مدرار وخلص عبيد الله المهدي وابنه من السجن, وفي طريق عودته مر الجيش بتاهرت وأزال دولة بني رستم في عام 297هـ/910م وأصبح المغرب الأوسط إلى تلمسان دولة عبيدية.
    وتولى عبيد الله المهدي الذي أعلن قيام الدولة الفاطمية التي نسبها إلى فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لخداع الناس وتضليلهم.
    وبدأت الدولة الفاطمية المزعومة تسعى للقضاء على الخلافة العباسية خصوصًا بعد أن تمكنوا من القضاء على دولة بني مدرار في سجلماسة, ودولة رستم في تاهرت, ودولة الأغالبة في إفريقية «تونس».
    وكانت بيعة عبيد الله المهدي في القيروان عام 297هـ/ 910م وانتهت ولاية أبي عبد الله الشيعي بعد أن دامت عشر سنوات على قول بعض المؤرخين".(2)

    حقيقة الدولة العبيدية ومؤسسها
    قال أبو شامة‏ المقدسي:‏ "ويدعون الشرف ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي حتى اشتهر لهم ذلك بين العوام فصاروا يقولون الدولة الفاطمية والدولة العلوية وإنما هي الدولة اليهودية والمجوسية الملحدة الباطنية‏.‏ قال‏:‏ وقد ذكر ذلك جماعة من العلماء الأكابر وأنهم لم يكونوا لذلك أهلا ولا نسبهم صحيحًا بل المعروف أنهم بنو عبيد وكان والد عبيد هذا من نسل القداح الملحد المجوسي‏.‏ قال‏:‏ وقيل إن والد عبيد هذا كان يهوديًا من أهل سلمية وكان جوادًا‏.‏ وعبيد كان اسمه سعيدًا فلما دخل المغرب تسمى بعبيد الله وادعى نسبًا ليس بصحيح قال ذلك جماعة من علماء الأنساب‏.‏ ثم ترقت به الحال إلى أن ملك المغرب وبنى المهدية وتلقب بالمهدي وكان زنديقًا خبيثًا عدوًا للإسلام من أول دولتهم إلى آخرها وذلك من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين إلى سنة سبع وستين وخمسمائة‏.‏ وقد بين نسبهم جماعة مثل القاضي أبي بكر الباقلاني فإنه كشف في أول كتابه المسمى بكشف أسرار الباطنية عن بطلان نسب هؤلاء إلى علي - رضي الله عنه - وكذلك القاضي عبد الجبار بن أحمد استقصى الكلام في أصولهم‏".(3)‏
    وقال ابن خلكان: "والمحققون ينكرون دعواه في النسب, وينصون على أن هؤلاء المنتسبين بالفاطميين أدعياء, وأنهم من أصل يهودي من سلمية بالشام, وأن والده لقب بالقداح, لأنه كان كحالاً يقدح العيون, وقد هلك عبيد الله سنة 322هـ, وتمكن حفيده المعز من الاستيلاء على مصر, واستمر ملك العبيديين نحو قرنين من الزمان إلى أن قضى عليهم بطل الإسلام صلاح الدين الأيوبي في سنة 564هـ, وأزال منها كل آثار العبيديين, وقطع شرورهم عن الناس وأراح الله العباد منهم".(4)
    وقال الحافظ الذهبي: "وفي نسب المهدي أقوال: حاصلها أنّه ليس بهاشميّ ولا فاطميّ". وقال: "وأهل العلم بالأنساب والمحقّقين يُنكرون دعواه في النّسبِ". وقال: "وفي سنة (444هـ) عُمِل محضر كبير ببغداد، يتضمن القَدْح في نسب بني عُبَيْد، الخارجين بالمغرب ومصر، وأن أصلهم من اليهود، وأنهم كاذبون في انتسابهم إلى جعفر بن محمد الصادق رحمه الله، فكتب فيه خلق من الأشراف والشيعة والسنة وأولي الخبرة". (5)

    كفر العبيدية
    قال الشاطبي: "ويحكى عن الشيعة أنها تزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أسقط عن أهل بيته ومن دان بحبهم جميع الأعمال وأنهم غير مكلفين إلا بما تطوعوا وأن المحظورات مباحة لهم كالخنزير والزنا والخمر وسائر الفواحش وعندهم نساء يسمين النوابات يتصدقن بفروجهن على المحتاجين رغبة في الأجر وينكحون ما شاؤوا من الأخوات والبنات والأمهات لا حرج عليهم في ذلك ولا في تكثير النساء وهؤلاء هم العبيدية الذين ملكوا مصر وإفريقية".(6)
    وقال السيوطي في (الفتن التي كانت في كل قرن) : "في المائة الثالثة: خروج القرمطي وناهيك به ثم فتنة المقتدر لما خلع وبويع ابن المعتز وأعيد المقتدر ثاني يوم وذبح القاضي وخلقا من العلماء ولم يقتل قاض قبله في ملة الإسلام ثم فتنة تفرق الكلمة وتغلب المتغلبين على البلاد واستمر ذلك إلى الآن ومن جملة ذلك ابتداء الدولة العبيدية وناهيك بهم إفسادا وكفرا وقتلا للعلماء والصلحاء".(7)
    وقال الذهبي: "وأما العبيديون الباطنية فأعداء الله ورسوله". وقال أيضا: "لا يوصف ما قلب هؤلاء العبيديون الدين ظهراً لبطن".(Cool
    وقال القاضي عياض: "ولما أظهر بنو عبيد أمرهم، ونصبوا حسينا الأعمى السبّاب لعنه الله تعالى، في الأسواق، للسب بأسجاعٍ لُقِّنها. يوصل منها إلى سب النبي صلى الله عليه وسلم، في ألفاظ حفظها. كقوله لعنه الله تعالى: العنوا الغار وما وعى، والكساء وما حوى. وغير ذلك. وعلقت رؤوس الأكباش والحمر، على أبواب الحوانيت، عليها قراطيس معلقة، مكتوب فيها أسماء الصحابة. اشتد الأمر على أهل السنة".(9)
    وقال ابن تيمية: "فأمر هؤلاء العبيدية المنتسبين إلى إسماعيل بن جعفر أظهر من أن يخفي على مسلم ولهذا جميع المسلمين الذين هم مؤمنون في طوائف الشيعة يتبرؤون منهم فالزيدية والإمامية تكفرهم وتتبرأ منهم وإنما ينتسب إليهم الإسماعيلية الملاحدة الذين فيهم من الكفر ما ليس لليهود والنصارى كابن الصباح الذي أخرج لهم السكين".(10)
    وقال ابن القيم (في المجوس): "ومنهم الخرمية: أصحاب بابك الخرمي وهم شر طوائفهم لا يقرون بصانع ولا معاد ولا نبوة ولا حلال ولا حرام وعلى مذهبهم: طوائف القرامطة والإسماعيلية والنصيرية والبشكية والدرزية والحاكمية وسائر العبيدية الذين يسمون أنفسهم الفاطمية وهم من أكفر الكفار".علماء القيروان والدولة العبيدية (1) (79)

    يتبع إن شاء الله تعالى....
    01 رجب 1428هـ

    ______________________
    (1) ينظر (موقف الإمام الذهبي من الدولة العبيدية، نسبا ومعتقدا)، للدكتور سعد بن موسى الموسى، "مجلة جامعة أم القرى"، العدد 24، ربيع الأول 1423هـ \ مايو (آيار) 2002م.
    (2) نقلا عن (الدولة الفاطمية)، للدكتور علي محمد الصّلاّبي، ص33-35
    (3) نقلا عن (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة)، لابن تغري بردي، ج2 ص309
    (4) نقلا عن (الدولة الفاطمية)، للصّلاّبي، ص 36
    (5) نقلا عن (موقف الإمام الذهبي من الدولة العبيدية، نسبا ومعتقدا)، للدكتور سعد بن موسى الموسى.
    (6) ينظر (الاعتصام)، للشاطبي، ج2 ص 44
    (7) ينظر (تاريخ الخلفاء)، للسيوطي، ص526
    (Cool نقلا عن (موقف الإمام الذهبي من الدولة العبيدية، نسبا ومعتقدا)، للدكتور سعد بن موسى الموسى.
    (9) ينظر (ترتيب المدارك وتقريب المسالك)، للقاضي عياض، ج2 ص29
    (10) ينظر (منهاج السنة)، لابن تيمية، ج6 ص343
    ينظر (إغاثة اللهفان)، لابن القيم، ج2 ص 243
    avatar
    عزوز أبو أميمة الحسني
    المدير العام


    عدد المساهمات : 775
    تاريخ التسجيل : 07/06/2010
    الموقع : بلاد ا لاسلام

    علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Empty رد: علماء القيروان والدولة العبيدية (1)

    مُساهمة من طرف عزوز أبو أميمة الحسني الجمعة يوليو 29, 2011 6:52 pm

    علماء القيروان والدولة العبيدية (2)

    الكاتب: ياسين بن علي

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

    ظلم العبيدية
    تمكن العبيديون من الحكم، فبدؤوا في الترويج لمذهبهم الباطني، وأخذوا يكرهون الناس على الدخول في مذهبهم والعمل ببدعهم وكفرهم. ومن أكثر البلاد التي عانت الويلات أثناء حكمهم القيروان، إذ كانت عاصمة العلم والفقه، وكانت تزخر بالعلماء والفقهاء، فعزم العبيديون على كسر شوكة العلماء وإذلالهم حتى يستتب لهم الأمر، فرهّبوهم ورغّبوهم طمعا في أن يسكتوا عنهم أو يقبلوا بهم حتى يأخذ حكمهم شرعية هم في حاجة إليها. وهكذا خيمت أجواء الفتنة على مدينة القيروان، واشتدّ الظلم والجور، وتفشى التعذيب والقتل والصلب. ويصف القاضي عياض حال أهل السنة في تلك الفترة في كلمات وجيزة معبّرة فيقول: "كان أهل السنة بالقيروان أيام بني عبيد، في حالة شديدة من الاهتضام والتستر. كأنهم ذمة. تجري عليهم في كثرة الأيام محن شديدة. ولما أظهر بنو عبيد أمرهم، ونصبوا حسيناً الأعمى السبّاب لعنه الله تعالى، في الأسواق، للسب بأسجاعٍ لُقِّنها. يوصل منها إلى سب النبي صلى الله عليه وسلم، في ألفاظ حفظها. كقوله لعنه الله: العنوا الغار وما وعى، والكساء وما حوى. وغير ذلك. وعلقت رؤوس الأكباش والحمر، على أبواب الحوانيت، عليها قراطيس معلقة، مكتوب فيها أسماء الصحابة. اشتد الأمر على أهل السنة. فمن تكلم أو تحرك قتل، ومثّل به".(1)

    ومن الجرائم التي اقترفها العبيدية نذكر ما يلي (2):
    1. شنوا حربًا نفسية على أهل السنة وذلك بتعليق رؤوس الأكباش والحمير على أبواب الحوانيت والدواب, وكتبوا عليها أسماء الصحابة رضي الله عنهم, (لعنهم الله أنى يؤفكون), وأظهروا سب الصحابة رضي الله عنهم, وطعنوا فيهم وزعموا أنهم ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وخصصوا دعاة للنداء بذلك في الأسواق. ومن ذكر الصحابة بخير أو فضل بعضهم على علي رضي الله عنه قتل أو سجن.
    2. عمل العبيديون على إزالة آثار بعض من تقدمهم من الخلفاء السنيين؛ ولذلك أصدر عبيد الله أمرًا بإزالة أسماء الحكام الذين بنوا الحصون والمساجد, وجعل اسمه بديلاً منهم, واستولى هذا الرافضي الخبيث على أموال الأحباس وسلاح الحصون, وطرد العباد والمرابطين بقصر زياد الأغلبي وجعله مخزنًا للسلاح.
    3. حرص العبيديون على منع التجمعات خوفًا من الثورة والخروج عليهم؛ ولذلك جعلوا بوقًا يضربونه في أول الليل, فمن وجد بعد ذلك ضرب عنقه, كما أنهم كانوا يفرقون الناس الذين يجتمعون على جنازة من يموت من العلماء.
    4. أتلفوا مصنفات أهل السنة, ومنعوا الناس من تداولها كما فعلوا بكتب أبي محمد بن أبي هاشم التجيبي (ت 346هـ) الذي توفي وترك سبعة قناطير كتب, كلها بخط يده, فرفعت إلى سلطان بني عبيد فأخذها «ومنع الناس منها كيدًا للإسلام
    وبغضًا فيه».

    5. حرموا على الفقهاء الفتوى بمذهب الإمام مالك, واعتبروا ذلك جريمة يعاقب عليها بالضرب والسجن أو القتل أحيانًا, ويعقب ذلك نوع من الإرهاب النفسي, حيث يدار بالمقتول في أسواق القيروان وينادي عليه: «هذا جزاء من يذهب مذهب مالك», ولم يبيحوا الفتوى إلا لمن كان على مذهبهم.
    6. منعوا علماء أهل السنة من التدريس في المساجد, ونشر العلم, والاجتماع بالطلاب, فكانت كتب السنة لا تقرأ إلا في البيوت خوفًا من بني عبيد, فكان أبو محمد بن أبي زيد, وأبو محمد بن التبان وغيرهما, يأتيان إلى أبي بكر بن اللباد, شيخ السنة بالقيروان في خفية, ويجعلان الكتب في أوساطهما حتى تبتل بالعرق خوفًا من بني عبيد».
    7. أجبروا الناس على الدخول في دعوتهم فمن أجاب تركوه, وربما ولوه بعض المناصب, ومن رفض قُتل, كما فعلوا عقب أول جمعة خطبها عبيد الله بالقيروان, وقعت بين الدولة العبيدية وأهل القيروان مقتلة عظيمة, فأمر الشيعي بالكف عن العوام, وافتعل مناظرات صورية, فدارت على علماء السنة محن عظيمة, وقتل منهم عدة آلاف بسبب تمسكهم بإسلامهم ودفاعهم المستميت عن السنة, قال القابسي: «إن الذين ماتوا في دار البحر -سجن العبيديين- بالمهدية من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب, ما بين عالم وعابد ورجل صالح», هذا عدا من كانوا يقتلون دون سجن ويمثل بهم في شوارع القيروان, فأثر ذلك على سير الحياة العلمية, وقد خمل ذكر كثير من العلماء الذي آثروا اعتزال الفتنة, مثل أبي محمد الورداني.
    8. عطلوا الشرائع, وأسقطوا الفرائض عمن تبع دعوتهم حيث يتم إدخالهم إلى داموس ويدخل عليهم عبيد الله لابسًا فروًا مقلوبًا, دابًا على يديه ورجليه, فيقول لهم: «بَحْ» ثم يخرجهم ويفسر لهم هذا العمل بقوله: «فأما دخولي على يدي ورجلي فإنما أردت بذلك أن أعلمكم أنكم مثل البهائم لا شيء, لا وضوء, ولا صلاة, ولا زكاة, ولا أي فرض من الفروض, وسقط جميع ذلك عنكم, وأما لبس الفرو مقلوبًا فإنما أردت أن أعلمكم أنكم قلبتم الدين, وأما قولي لكم بَحْ, فإنما أردت أن أعلمكم أن الأشياء كلها مباحة لكم من الزنى وشراب الخمر....».
    9. زادوا في الأذان: «حي على خير العمل», وأسقطوا من أذان الفجر «الصلاة خير من النوم», ومنعوا الناس من قيام رمضان, وليس شيء أشد على بني عبيد من هذه الصلاة, ومنعوا صلاة الضحى, وقدموا صلاة الظهر لفتنة الناس, أما خطبة الجمعة فقد أظهروا فيها سب الصحابة وضروبًا من الكفر, فتركها الناس, وأقفرت المساجد في زمانهم, وكان بعض أئمتهم يصلون إلى رقادة, فلما انتقل عبيد الله إلى المهدية صلوا إليها, وكثيرًا ما كانوا يجبرون الناس على الفطر قبل رؤية هلال شوال بل قتلوا من أفتى بأن لا فطر إلا مع رؤية الهلال كما فعلوا بالفقيه محمد بن الحبلي قاضي مدينة برقة.
    10. ومن جرائم عبيد الله الكثيرة أن خيله دخلت المسجد, فقيل لأصحابها: كيف تدخلون المسجد؟ فقالوا: إن أرواثها وأبوالها طاهرة, لأنها خيل المهدي, فأنكر عليهم قيم المسجد, فذهبوا به إلى المهدي فقتله.

    محنة العلماء
    تعرض علماء القيروان، جرّاء كرههم لبني عبيد ورفض حكمهم، لمحن شديدة. ومثال ذلك، فقد امتحن أبو جعفر التمار "هو وأخوه محمد، أيام الشيعي. فأمر عبيد الله بضرب أخيه مائتي سوط، فمات. ودارت على أناس كثير من المدنيين وغيرهم، محن كثيرة، كمحنة عمروس في خلع لسانه، وابن معتب في ضرب ظهره، وابن المدني في ضرب ظهره، وصفعه. وابن اللباد بسجنه. وابن البرذون وابن هذيل بقتلهما، وصلبهما. وأشياء كثيرة من جهة ترك: حيّ على خير العمل في الأذان. وترك قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة. والفتيا بمذهب مالك رضي الله تعالى عنه".(3) وضرب النفطي قاضي الشيعة، محمدا بن العباس بن الوليد الذهلي المعروف (بدُعدُع) " في جميع القيروان عرياناً. وصفع قفاه. حتى سال الدم من رأسه. وبُرّح عليه في الأسواق، وأطافه عرياناً على حمار إذا رُفع عنه أنه كان يفتي بمذهب مالك، ويطعن على السلطان. ثم حبس".(4) وامتحن أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الزبيري المعروف بالقلانسي "على يدي أبي القاسم بن عبيد الله الرافضي. ضربه سبعماية سوط، وحبسه في دار البحر أربعة أشهر، بسبب تأليفه كتاب الإمامة".(5)

    الموقف العقدي لعلماء القيروان من الدولة العبيدية
    لم يكن علماء القيروان رحمهم الله ينظرون إلى الدولة العبيدية كدولة إسلامية، بل كانوا يعتبرونها دولة كفر تريد إحلال عقائد وأحكام المذهب الإسماعيلي الباطني محل عقائد الإسلام وأحكامه. فلم تكن المسألة عندهم مسألة مذهبية أو طائفية، إنما كانت مسألة أصولية عقدية تتعلّق بدولة كافرة تحكم بالكفر وتسعى للإحلال الإباحية والزندقة في المجتمع الإسلامي. ويغلب على الظنّ أن لو كانت الدولة العبيدية دولة شيعية إمامية أو زيدية لما لاقت كلّ ذلك الصدّ والمقاومة من علماء القيروان، ولما ثار عليها العلماء وحاربوها، ولكان لهم في مقاومتها طريقة أخرى غير التي ساروا عليها في مقاومة الدولة العبيدية. والدليل على هذا أنّ علماء القيروان برّروا خروجهم مع أبي يزيد الخارجي المعروف بالأعرج صاحب الحمار بقولهم: نقاتل مع أهل القبلة من هو من غير أهل القبلة.
    وعليه، فقد اتخذ علماء القيروان من الدولة العبيدية موقفا عقديا خلاصته أنها دولة كفر، وأن العبيدية كفار زنادقة. قال عياض: "وقال أبو يوسف بن عبد الله الرعيني في كتابه: أجمع علماء القيروان أبو محمد، وأبو الحسن القابسي، وأبو القاسم بن شبلون، وأبو علي بن خلدون، وأبو بكر الطبني، وأبو بكر بن عذرة: إنّ حال بني عبيد، حال المرتدين والزنادقة، بما أظهروه من خلاف الشريعة فلا يورثون بالإجماع، وحال الزنادقة بما أخفوه من التعطيل. فيقتلون بالزندقة، قالوا: ولا يقدر أحد بالإكراه على الدخول في مذهبهم، بخلاف سائر أنواع الكفر. لأنه أقام بعد علمه بكفرهم، ولا يجوز له ذلك، إلا أن يختار القتل، دون أن يدخل في الكفر. على هذا الرأي أصحاب سحنون يفتون المسلمين. قال أبو القاسم الدهان: وهم بخلاف الكفار، لأن كفرهم خالطه سحر بمن اتصل به، خالطه السحر. ولما حمل أهل طرابلس إلى بني عبيد، أضمروا أن يدخلوا في دينهم، عند الإكراه. ثم ردوا من الطريق سالمين. فقال ابن أبي زيد رضي الله عنه: هم كفّار لاعتقادهم ذلك".(6)

    من صفات علماء القيروان
    قبل البدء في عرض الموقف العملي لعلماء القيروان من الدولة العبيدية، وقبل النظر في كيفية مقاومتهم لها، أحبّ هنا التعرّض إلى بعض الصفات التي تميّز بها علماء القيروان مما مكّنهم من حسن إدارة الصراع مع دولة الكفر، وأخصّ بالذكر صفتين: الحزم والوعي.

    1. الحزم:
    الحزم هو ضبط الأمر وإحكامه، وهو القطع والبتّ في المسألة بقّوة وتصميم. والحزم مهم جدّا في إدارة الصراع المعنوي والمادي، لأنه يحدّد الموقف الفكري الذي يبنى عليه العمل. فهو من الصفات التي يجب أن يتحلى بها القائد، وتتحلى بها الجماعة، إذ إن فقد هذه الصفة يؤثر في المواقف، وبالتالي يؤثر في عمل الفرد والجماعة.
    وقد كانت صفة الحزم مما تحلى بها علماء القيروان، لذلك لم يبرز عليهم التذبذب في الموقف، ولم يظهر فيهم الوهن، ولم يعلم عنهم ازدواجية الخطاب، وعليه فلم يكونوا بحاجة إلى فقه المراجعات والموازنات والأولويات وغير ذلك مما يظهر في الجماعات بعد إدراك الفشل قيادة وتخطيطا وعملا. فقد حدّد إذن علماء القيروان موقفهم من الدولة العبيدية، وحدّدوا غايتهم، وساروا في طريقتهم متسلحين بالإيمان والعلم والفهم والصبر.
    وممن تحلى بالحزم والشدّة: (7)
    · محمد بن العباس بن الوليد الذهلي المعروف بدُعدُع: كان عالماً فقيهاً بمذهب مالك. ذا حفظ. سمع محمد بن سحنون. ومحمد بن يحيى بن سالم. ومحمد بن تميم العنبري. وكان شديد البغض لبني عبيد، كثير السبّ لهم. لا يخاف في الله لومة لائم.
    · وأبو علي بن خلدون: كان شديداً على أهل البدع والروافض مغرياً بهم، يستند منه أهل السنّة الى ملجأ ووزر، فضجر لذلك شاعر الرافضة المعروف بالباحجوري في قطعة له وهي:
    عيني من التغميض ممنوعة ومهجتي بالنار مـلـذوعة

    من حسن ظبي حسن وجهه طرته بالمسك مصنـوعة

    كأنما ذكرى الهوى عنده ذكرى ابن خلدون لدى الشيعة
    · وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد السبائي: وكان في ابتداء أمره، ولزومه العبادة، كثير الانزواء عن الناس.فلما اشتد أمر بني عبيد، وفتح دعاتهم أبوابهم، ودعوا الى كفرهم، قال أبو إسحاق لأصحابه: افتحوا باب داري، نأخذ في ذمهم، والتحذير منهم.
    · وأبو محمد عبد الله بن إسحاق، رحمه الله المعروف بابن التبّان: كان شديد التنقيص لهم والتنفير عنهم. قال بعض أصحابه: كنت معه يوماً بالمنستير، وكان يوم عاشوراً. فلما رأى بكى. فقيل له ما يبكيك? فقال والله ما أخشى عليهم من الذنوب، لأن مولاهم كريم، وإنما أخشى أن يشكّوا في كفر بني عبيد، فيدخلوا النار.
    · وأبو محمد بن الكراني: سئل عن من أكرهه بنو عبيد على الدخول في دعوتهم، أو يقتل? قال: يختار القتل، ولا يعذر أحد بهذا، إلا من كان أول دخولهم البلد. فيسأل إن يعرف أمرهم، وأما بعد، فقد وجب الفرار، فلا يعذر أحد بالخوف بعد إقامته، لأن المقام في موضع يطلب من أهله تعطيل الشرائع، لا يجوز، وإنما أقام من هنا من العلماء والمتعبدين على المباينة لهم، لئلا يخلو بالمسلمين عدوهم، فيفتنوهم عن دينهم.
    · وجبلة بن حمود بن عبد الرحمن بن جبلة الصدفي: كان رحمه الله تعالى، شديداً على أهل البدع ومجانبته إياهم وقوته في ذات الله تعالى. لا يداري فيه أحداً. ولم يكن أحد أكثر مجاهدة منه للروافض، وشيعهم. ولما دخل عبيد الله إفريقية، ونزل رقادة ترك جبلة سكنى الرباط ونزل القيروان، فكلم في ذلك فقال: كنا نحرس عدواً بيننا وبينه البحر، والآن حلّ هذا العدو بساحتنا وهو أشد علينا من ذلك. فكان إذا أصبح، وصلى الصبح، خرج الى طرف القيروان من ناحية رقادة، ومعه سيفه، وترسه، وقوسه، وسهامه، وجلس محاذياً لرقادة، نهاره. الى غروب الشمس. ثم يرجع الى داره. ويقول أحرس عورات المسلمين منهم. فإذا رأيت منهم شيئاً، حركت المسلمين عليهم. وكان جبلة ينكر على من خرج من القيروان إلى سوسة أو نحوها من الثغور ويقول جهاد هؤلاء أفضل من جهاد أهل الشرك. وقال الفقيه ابن سعدون القروي: لما دخل عبيد الله الشيعي، القيروان، وخطب أول جمعة، وجبلة حاضر، فلما سمع كفرهم. قام قائماً. وكشف على رأسه، حتى رآه الناس، وخرج يمشي الى آخر الجامع، ويقول: قطعوها قطعهم الله. فما حضرها أحد من أهل العلم بعد هذا.

    2. الوعي
    الوعي هو القدرة على إدراك الواقع وفهم أحداثه ومجرياته، والتنبه إلى سياق الأعمال والأقوال بحيث توضع موضعها فيدرك نتائجها وعواقبها. وقد كان فقهاء القيروان ساسة بأتم معنى الكلمة فتعاملوا مع جملة من الأحداث بعقلية سياسية واعية تفهم الأمور وتبصر سياقاتها وتدرك نتائجها. وقد تمظهر هذا الوعي الذي اتصف به علماء القيروان في مظاهر عديدة، منها حسن تقديرهم لقوتهم فلم يعلنوا الثورة المسلحة إلا عند ظهور قوة تنصرهم –كما سيأتي بيانه-، ومنها التنبه إلى مواطن الخلل التي قد يدخل منها الطاغوت ليضفي شرعية على حكمه، وهو محل عنايتنا في هذا المقام.

    فقد أصدر فقهاء القيروان فتواهم التي تكفر الدولة العبيدية، لذلك كان عليهم أن يحافظوا على ظهور هذه الفتوى وانتشارها بين الناس كرأي عام يحدّد الموقف من الدولة وما يلزم عمله ضدّها، كما كان عليهم أن يقاوموا كل رأي قد يؤدي إلى زعزعة الثقة في هذه الفتوى الخطيرة التي يتحدّد وفقها مصير البلاد. ومن هنا، فكلّ من يدعو إلى المصالحة مع هذه الدولة الطاغوتية، أو كلّ من يتكلم بكلمة يفهم منها عدم كفرها، أو كل من يروج للتعامل معها، كان يعتبر عند علماء القيروان خطرا يجب أن يزاح من الطريق. ومثال ذلك:
    فقد وردت مسألة على إبراهيم بن الحسن المعروف بأبي إسحاق التونسي، وكان عالما فقيها، فرد في بعض جوابه عليها: " إنّ هذه الفرقة على ضربين: أحدهما كافر، مباح الدم، والضرب. والآخر الذين يقولون بتفضيل علي بن أبي طالب على سائر الصحابة، لا يلزمهم الكفر، ولا تبطل نكاحاتهم. وشاعت فتواه فأنكرها فقهاء إفريقية بالقيروان، وغيرها".(Cool وأطلق الفقهاء الفتيا بتضليله وتبديعه، حتى خرج من القيروان. والسبب في هذا أن الدولة العبيدية اتخذت من فتواه حجة تضفي عليها شرعية، وأن العوام لا يميّزون حقّ التمييز، لذلك كان لا بدّ من التصدي لها، بغض النظر عن صحتها من منظور علمي. وفي هذا يقول القاضي عياض: "لا امتراء عند منصف أن الحق ما قاله أبو إسحاق. ولا امتراء أن مخالفته أولاً لرأي أصحابه في حسم الباب لمصلحة العامة واللجاج، خطأ. وأن رأي الجماعة، كان أسدّ للحال. وأولى بعائدة الخير، وفتواه جري على العلم وطريق الحكم".(9)
    وهذا ما حصل أيضا مع خلف بن أبي القاسم الأسدي المعروف بالبرادعي، وهو من كبار أصحاب أبي محمد ابن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي، وحفاظ المذهب المؤلفين فيه. له كتاب التهذيب واختصار المدونة، وحذف ما زاده أبو محمد. وقد ظهرت بركة هذا الكتاب على طلبة الفقه. وتيمنوا بدرسه وحفظه. وعليه معول أكثرهم بالمغرب والأندلس، ومع ذلك "لم تحل له رئاسة بالقيروان، وكان مبغضاً عند أصحابه، بصحبة سلاطينها الذين تبرؤوا منهم. فكان مرفوض القول لديهم، ثقيل المكان عليهم. ويقال إن فقهاء القيروان أفتوا برفض كتبه، وترك قراءتها لتهمته لديهم... ويقال إن الذي مكّن تغيرهم عليه، أنه وجد بخطه في ذكر بعض بني عبيد...
    أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البناء وإن وعدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا
    ويقال: بل سببه أنه ألّف كتاباً في تصحيح نسب بني عبيد، وأنه كانت تأتيهم إمامة".(10)
    إذن، فالوعي على خطورة علماء السلاطين، والوعي على خطورة الفتاوى التي قد تصدر ولو بحسن نية وتستغلها الدولة العبيدية، كان مما ميّز علماء القيروان، ومما مكّن فيما بعد من هزيمة هذه الدولة الخبيثة.

    يتبع إن شاء الله تعالى...
    03 رجب 1428هـ

    ___________________
    (1) ينظر (ترتيب المدارك وتقريب المسالك)، للقاضي عياض، ج2 ص29
    (2) نقلا عن (الدولة الفاطمية) بتصرف، للدكتور علي محمد الصّلاّبي، ص60-63
    (3) ينظر (ترتيب المدارك)، ج2 ص43
    (4) المصدر السابق، ج2 ص47
    (5) المصدر السابق، ج2 ص163
    (6) المصدر السابق، ج2 ص292
    (7) ينظر المصدر السابق
    (Cool المصدر السابق، ج2 ص323
    (9) المصدر السابق، ج2 ص324
    (10) المصدر السابق، ج2 ص284-285
    avatar
    عزوز أبو أميمة الحسني
    المدير العام


    عدد المساهمات : 775
    تاريخ التسجيل : 07/06/2010
    الموقع : بلاد ا لاسلام

    علماء القيروان والدولة العبيدية (1) Empty رد: علماء القيروان والدولة العبيدية (1)

    مُساهمة من طرف عزوز أبو أميمة الحسني الجمعة يوليو 29, 2011 6:53 pm

    علماء القيروان والدولة العبيدية (3)

    الكاتب: ياسين بن علي

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

    بعد أن حدّد علماء القيروان رحمهم الله موقفهم من الدولة العبيدية وحكموا عليها بالكفر والزندقة، بدؤوا مسيرتهم المضنية الشاقة من أجل إزالتها وإزاحتها. وقبل البدء في عرض كيفية مقاومتهم للدولة العبيدية، نشير إلى نقطة مهمة مكنت لعلماء القيروان العمل المنتج والمؤثر في صراعهم مع العبيدية، وهذه النقطة هي إدراك العلماء لقيمة العمل الجماعي.
    فقد كان علماء القيروان كتلة متحدة منسجمة، تكتلوا من أجل التغيير، وتوحدوا من أجل إزاحة العبيدية، فكانت بينهم اجتماعات نسقوا فيها الأعمال، وكانت أعمالهم كلها تصدر عن نفس واحدة ورؤية واحدة لهدف واحد وهو القضاء على هذه الدولة التي قامت على الكفر واتخذت من التعذيب والقتل منهجا تفرض به مذهبها على الناس. قال عياض: "وكان عبد الله المعروف بالمحتال، صاحب القيروان، شدّ في طلب أهل العم، ليشرّقهم، فطلب الشيخ أبا سعيد ابن أخي هشام، وأبا محمد التبّان وأبا القاسم بن شبلون، وأبا محمد ابن أبي زيد، وأبا الحسن القابسي، رضي الله عنهم. فاجتمعوا في مسجد ابن اللجام واتفقوا على الفرار. فقال لهم ابن التبان: أنا أمضي إليه، وأكفيكم مؤونة الاجتماع، ويكون كل واحد منكم في داره. ويقال إنهم أرادوا السير إلى عبد الله. فقال لهم: أنا أمضي إليه، أبيع روحي من الله دونكم، لأنكم إن أتي عليكم، وقع على الإسلام وهن. ويقال إنه قال لعبد الله: لما دخل عليه جئتك عن قوم إيمانهم مثل الجبال، أقلّهم يقيناً أنا".(1) وهذا مما يدلك على ما قررناه من عمل جماعي وتنسيق بين العلماء.

    كيف قاوم علماء القيروان العبيدية
    اعتمد علماء القيروان منهج الصراع الفكري والسياسي في مقاومة الدولة العبيدية، وظهر هذا المنهج في أعمال ومواقف وأساليب كثيرة نذكر منها: (2)
    1. صمود العلماء والفقهاء ضد أعمال العبيديين وتحملهم للأذى والسجن والقتل مما ساهم في تثبيت عوام المسلمين على عقيدة أهل السنة, وقد عمل العبيديون على إخلاء الساحة من العلماء بالترغيب وضمهم في دعوتهم أو بالترهيب حتى يسقط العامة.
    2. قاطع العلماء جميع مؤسسات الدولة العبيدية؛ فلا يختصمون إلى قضائهم, ولا يصلون وراء أئمتهم, ولا يأتون مهنئين, ولا معزين, ولا يتوارثون معهم, ولا يصلون على موتاهم, ولا يناكحونهم.
    3. حصن علماء أهل السنة أهل الشمال الإفريقي بالفتاوى التي أوضحت كفر بني عبيد, وأنهم ليسوا من أهل القبلة, كما كفروا من دخل في دعوتهم راضيًا, ومن خطب لهم في دعوتهم, وقد انتشرت هذه الفتاوى, وعرفها الخاص والعام, فكانت حاجزًا منيعًا بين العوام, وبين التردي في دعوة الرافضة.
    4. قاطع العلماء من استجاب وداهن العبيديين من الفقهاء وإن لم يدخل في دعوتهم؛ ولذلك أفتى العلماء بطرح كتب أبي القاسم البراذعي.
    5. فتح العلماء والفقهاء بيوتهم للناس لفضح معتقدات الباطنية العبيدية, وكان أبو إسحاق السبائي يفتح داره ويأخذ في ذم العبيديين والتحذير منهم, وكان يكثر من ذكر فضائل الصحابة والثناء عليهم, وكانت داره كالمسجد لكثرة من يقصدها من الطلبة, وكذلك أحمد بن نصر الهواري, وأحمد بن يزيد الدباغ, واضطروا لذلك بعد أن منعهم العبيديون من التدريس في المساجد, واجتهد العلماء سرًا في تعميق عقائد أهل السنة وأصولهم وفقههم في قلوب أهل الشمال الإفريقي. وهكذا الدعاة الربانيون والفقهاء العاملون مهما ضيق الطغاة والظلمة العتاة فإنهم لابد أن يجدوا سبيلاً لتعليم الناس ودعوتهم إلى الرشاد.
    6. اجتهد علماء أهل السنة في غرس منهج أهل السنة في أبناء الكتاميين والصنهاجيين والبرابرة الموالين للعبيديين, وذلك ما قام به العلامة أبو إسحاق الجبنياني وغيره, فإنهم كانوا يعلمون الأولاد الصغار أبناء حملة الدعوة العبيدية بحيل لطيفة وكانوا لا يأخذون منهم أجرًا, ترغيبًا لهم في الإقبال عليهم.
    7. ومن وسائل علماء أهل السنة في الذب عن عقائد السلف وسيلة المناظرة والجدال وإفحام الخصم أمام عوام الناس, وممن سجلت لنا كتب التاريخ مآثره النيرة في هذا المضمار العلامة الفقيه العالم الرباني أبو بكر القمودي الذي ناظر أبا العباس الشيعي مناظرة أفحمه فيها. وإبراهيم بن محمد الضبي, وكان رجلاً صالحًا فقيهًا بارعًا في العلم وقتله بنو عبيد ظلمًا وزورًا. وبرز في المناظرة أبو محمد عبد الله بن التبان إلا أن أبا عثمان سعيد بن محمد الحداد كان أقدرهم في هذا الباب, فقد كانت له: «مقامات كريمة ومواقف محمودة في الدفاع عن الإسلام والذب عن السنة».
    8. قام شعراء أهل السنة بدور مجيد, وجهاد حميد في الدفاع عن الإسلام والهجوم على بني عبيد بالسنان والقوافي التي كانت على بني عبيد أشد من السيوف القواطع, وتبوأ مركز الصدارة في هذا الباب الشاعر المجيد أبو القاسم الفزاري.

    الخروج المسلح
    عن أُمّ سَلَمَة أنّ رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ. فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ. فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ. وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ. وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالُوا: أَفَلاَ نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لاَ. مَا صَلّوْا». (مسلم) وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خِيَارُ أَئِمّتِكُمُ الّذِينَ تُحِبّونَهُمْ وَيُحِبّونَكُمْ. وَيُصَلّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلّونَ عَلَيْهِمْ. وَشِرَارُ أَئِمّتِكُمُ الّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ بِالسّيْفِ؟ فَقَالَ: «لاَ. مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصّلاَةَ..». (مسلم) وعن عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ قال: دَعَانَا رَسُولُ اللّهِ فَبَايَعْنَاهُ. فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا، أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا. وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ. قال: «إلاّ أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ اللّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ». (رواه مسلم والبخاري).
    فالحاكم في دار الإسلام إذا حكم بالكفر الواضح الصريح يجب الخروج عليه ومقاتلته حتى يزال منكره أو يتنحىّ، وهو ما عمل بها علماء القيروان رحمهم الله، فلم يكتفوا بالصراع الفكري والسياسي، إنما أضافوا إليه منابذة الدولة العبيدية وقتالها لما أعلنته من كفر بواح. وتفاصيل هذا الخروج المسلح يرويها القاضي عياض فيقول:
    "كان أهل السنة بالقيروان أيام بني عبيد، في حالة شديدة من الاهتضام والتستر. كأنهم ذمة. تجري عليهم في كثرة الأيام محن شديدة. ولما أظهر بنو عبيد أمرهم، ونصبوا حسيناً الأعمى السبّاب لعنه الله تعالى، في الأسواق، للسب بأسجاعٍ لُقِّنها. يوصل منها إلى سب النبي صلى الله عليه وسلم، في ألفاظ حفظها. كقوله لعنه الله: العنوا الغار وما وعى، والكساء وما حوى. وغير ذلك. وعلقت رؤوس الأكباش والحمر، على أبواب الحوانيت، عليها قراطيس معلقة، مكتوب فيها أسماء الصحابة. اشتد الأمر على أهل السنة. فمن تكلم أو تحرك قتل، ومثّل به. وذلك في أيام الثالث من بني عبيد وهو إسماعيل الملقب بالمنصور لعنه الله تعالى سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. وكان في قبائل زناتة، رجل منهم، يكنى بأبي يزيد، ويعرف بالأعرج صاحب الحمار، واسمه مخلد بن كيداد، من بني يفرن، وكان يتحلى بنسك عظيم، ويلبس جبة صوف قصيرة الكمين، ويركب حماراً، وقومه له على طاعة عظيمة. وكان يبطن رأي الصفرية. ويتمذهب بمذهب الخوارج. فقام على بني عبيد، والناس يتمنون قائماً عليهم. فتحرك الناس لقيامه، واستجابوا له. وفتح البلاد، ودخل القيروان، وفرّ إسماعيل إلى مدينة المهدية، فنفر الناس مع أبي يزيد، إلى حربه. وخرج بهم فقهاء القيروان، وصلحاؤهم، ورأوا أن الخروج معه متعين، لكفرهم. إذ هو من أهل القبلة. وقد وجدوه يقاتلوهم معهم. وكذلك كان أبو إسحاق السبائي، يقول. ويشير بيده إلى أصحاب أبي يزيد. هؤلاء من أهل القبلة لقتالهم. فإن ظفرنا بهم، لم ندخل تحت طاعة أبي يزيد، والله يسلط عليه إماماً عادلاً، يخرجه عنا.
    وحكى أبو عبد الله بن محمد المالكي، فيمن خرج معه أبو الفضل الممسي، وربيع بن سليمان القطان، وأبو العرب بن تميم، وأبو إسحاق السبائي، وأبو عبد الملك بن مروان بن منصور الزاهد، وأبو حفص عمر بن محمد الغسال، وعبد الله بن محمد الشقيقي، في جماعة المدنيين، وإبراهيم بن محمد المعروف بالعشّاء الحنفي، وغيرهم. ولم يتخلف من فقهاء المدنيين المشهورين، إلا أبو ميسرة لعماه، ولكنه مشى شاهراً للسلاح في القيروان مع الناس، باجتماع المشيخة على الخروج. ووجهوا إلى الممسي ليروا رأيه في ذلك. وكان عباس الممسي في ذلك الحين مريضاً، بمنزله. وأنذر الناس إلى الجامع فحضروا، وتكلموا في الأمر. فذكر ربيع جبر والديه، وذكر العشّاء ثقل وضوئه. فقال العباس الممسي: قد تعلمون أنه يشق عليّ من الوضوء والوالدة، أكثر مما ذكرتم. وغير ذلك من علتي هذه الظاهرة. ولكن لما بلغني من رد الناس الأمر إلي زالت العذُر، وإن عزمتم عزيمة رجل واحد، فلا أضن عليكم، لما وجب علي من جهادهم. فقال أبو إسحاق السبائي: جزاك الله، يا أبا الفضل عن الإسلام وأهله خيراً. إنا والله نشمر ونجد في قتال اللعين المبدل للدين. فلعل الله أن يكفر عنا بجهادنا، تفريطنا وتقصيرنا عن واجب جهادهم. فكلمهم أبو الفضل واحداً واحداً. فقال ربيع القطان: أنا أول من يسارع ويندب الناس. وتسارع جميع الناس إلى ذلك. وذلك يوم الاثنين لثلاث عشرة بقيت بجمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين. وعقدوا أمرهم على الخروج إلى المصلى بالسلاح الشاك. فلما كان الغد، خرجوا واجتمعوا بالمصلى بالعدة الظاهرة، فضاق بهم الفضاء من كثرتهم. وتواعدوا للخروج والنظر في الأزواء. ثم اجتمعوا يوم الأربعاء في السلاح. فركب ربيع فرساً، عليه درع مصبوغ. وتقلد سيفاً، وحبس رمحاً، وقد تعمم بعمامة حمراء، وأبو سعيد ابن أخي هشام يمشي معه على عنقه السيف مصلتاً. وركب أبو العرب، وتقلد مصحفاً. وركب غيرهما في السلاح الشاك. وشقوا القيروان، ينادون بالجهاد، وقد شهروا السلاح، وأعلنوا بالتهليل والتكبير، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله، والترحم على أصحابه، وأزواجه رضي الله تعالى عنهم. فاستنهضوا الناس للجهاد، ورغبوهم فيه. فلما كان يوم الجمعة، ركبوا بالسلاح التام، والبنود والطبول، وأتوا حتى ركزوا بنودهم قبالة الجامع. وكانت سبعة بنود. بند أحمر للممسي فيه مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله. لا حكم إلا لله، وهو خير الحاكمين. وبندان أحمران لربيع، في أحدهما: بسم الله الرحمن الرحيم. لا إله إلا الله محمد رسول الله. وفي أحدهما: نصر من الله وفتح قريب، على يد الشيخ أبي يزيد. اللهم انصر وليك على من سب نبيّك، وأصحاب نبيّك. وبند أصفر لأبي العرب مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. "قاتلوا أئمّة الكُفر" الآية. وبند أخضر لأبي نصر الزاهد، فيه: لا إله إلا الله. قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم. وبند أبيض للسبائي، فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. محمد رسول الله، وأبو بكر الصديق، وعمر الفاروق. وبند أبيض للعشّاء، وهو أكبرهم، فيه مكتوب: لا إله إلا الله. "ألا تنصروه فقد نصره الله" الآية. وحضرت صلاة الجمعة، فخطب خطيبهم، أحمد بن أبي الوليد، خطبة بليغة. وحرّض الناس على الجهاد. وسب بني عبيد، ولعنهم وأغرى بهم. وتلا: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" الآية. وأعلم الناس بالخروج من غدهم، يوم السبت. فخرج الناس مع أبي يزيد لجهادهم. فرزقوا الظفر بهم، وحصروهم في مدينة المهدية. فلما رأى أبو يزيد ذلك، ولم يشك في غلبته، أظهر ما أكنّه من الخارجية. فقال لأصحابه: إذا لقيتم القوم فانكشفوا عن علماء القيروان، حتى يتمكن أعداؤهم منهم. فقتلوا منهم، من أراد الله سعادته، ورزقه الشهادة. فمنهم الممسي، وربيع، ومحمد بن علي البقال. وكان نبيلاً من أهل العلم، في خمسة وثلاثين رجلاً، من الفقهاء والصالحين. وذلك في رجب سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. ففارق الناس أبا يزيد بالقيروان. وأظهروا السنّة وحلّقوا بالجامع".(3)


    خاتمة
    لقد كتب الله النصر لعلماء القيروان وزالت هذه الدولة العبيدية الباطنية الخبيثة. وبقيت لنا سيرة هؤلاء العلماء لنعتبر بشدة إيمانهم وصبرهم وعزيمتهم وتضحياتهم من أجل إعلاء كلمة الله وتحكيم شرعه. وإننا لنسأل الله تعالى أن تكون هذه الصفحات البيضاء النيرة من تاريخنا قد أثارت شعورنا وحركت وجداننا للعمل من جديد على إعادة الحكم بما أنزل الله إلى بلاد الزيتونة، اقتداء بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وسيرة صحبه رضوان الله عليهم واعتبارا بسيرة العلماء رحمهم الله تعالى.

    10 رجب 1428هـ

    _________________________
    (1) ينظر (ترتيب المدارك)، ج2 ص161
    (2) نقلا عن (الدولة الفاطمية)، للصلاّبي، ص65-74 بتصرف.
    (3) ينظر (ترتيب المدارك)، ج2 ص29-31

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 7:24 pm